شـر الـدواب ؛؛ عجيب هذا الانسان .... عجيبون نحن بنو آدم .... خلقنا الله عز وجل .. وجعل كل الكائنات مسخّرة لنا ... لخدمتنا وميزنا بالعقل ... هذه الكلمة { العقل } قليلة الحروف .. كبيرة وكثيرة المعاني والدلالات حيث ما يزال العلم عاجزاً على أن يسبر كل أغوارها ... بل وحتى أن تحديد مكان وجود العقل ما يزال يتجاذبه أكثر من رأي فهل العقل مقره الدماغ كما هو شائع ؟ أم أن القلب هو مكانه الحقيقي ؟
ففي سورة الحج يقول تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو ءاذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } صدق الله العظيم والمهم في الأمر أن نتدبّر وأن نتفكّر وأن نتأمّل في خلق الله لنزيد إيماناً به ؛؛ وأن نستخدم عقولنا فيما هو مفيد ؛؛ وها هو أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام قد اهتدى إلى وجود الله الواحد الأحد عن طريق العقل والتفكّر والتدبّر في ملكوت السماوات والأرض .... فقال تعالى في سورة الأنعام : بسم الله الرحمن الرحيم { وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين {74} وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين {75} فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين {76} فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين {77} فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون {78} إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين {79} وحاجّه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تُشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً أفلا تتذكرون {80} وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزّل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون {81} } صدق الله العظيم وإن عدم استخدام العقل يجعل الانسان كسائر الدواب الذين لا يعقلون ،، وعلى سبيل المثال أذكر نموذجاً لإحدى التعابير العجيبة للقرآن حيث يقول الله تعالى : { إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون } الأنفال {22} وأوضح أن غرض القرآن من الصم والبكم ليس الصمم والبكم العضوي ، بل الغرض هو الأشخاص الذين لا يريدون أن يستمعوا إلى الحقيقة ، أو أنهم يسمعونها ولا يعترفون بألسنتهم ، فالأذن التي تعجز عن سماع الحقائق وتستعد فقط لسماع المُهملات والأراجيف ، أن هذه الأذن صمّاء من وجهة نظر القرآن ، واللسان الذي يستخدم فقط في بث الأراجيف ، يُعد لساناً أبكماً حسب رأي القرآن ، " لا يعقلون " هم الذين لا ينتفعون من أفكارهم ، من عقولهم ، ويعتبر القرآن مثل هؤلاء الأشخاص ـ الذين لا يحق أن يطلق عليهم اسم " الانسان " بالحيوانات ، ويخاطبهم بالدواب .. { وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون } الأنعام {32} هذه دعوة لنستخدم عقولنا فيما يُرضي الله عز وجل .. وفيما ينفعنا وينفع الآخرين .. حتى لا نكون .. شـر الـدواب ؛؛ تقبّلوا تحياتي